مر على تاريخ الريال لاعبين عظماء كثر , بعضهم جلب المجد بالبرنابيو , و بعضهم رحل مثل ما اتى خالى الوفاض , ولكن المجد الحقيقى بدأ مع العظيم الفريدو دى ستيفانو , الاعب الذى حمل الفريق على عاتقه مع بوشكاش و خينتو و آخرين , بدأ معه مسلسل الريال و البطولات الكبرى , التى ما زال يفتخر بها عشاق الملكى فى جميع انحاء العالم , مرت السنوات و تعاقبت الفصول , ليأتى نجما آخر عشقته جماهير الكرة بصفة عامة و المدريديستا بصفة خاصة , هو الاسطورة كريستيانو رونالدو .
بداية عظيمة و اخرى معقدة :
كانت بداية دى ستيفانو بقرار من الاتحاد الاسبانى لكرة القدم بأن يلعب الفريدو 4 سنوات فى اسبانيا , فجلبه ريال مدريد بعد صراع طويل مع الغريم الازلى برشلونة و قرار من الاتحاد الاسبانى بعدم اعتماد الوثيقة التى مضاها دى ستيفانو مع البرسا , ليستغل الريال الموقف و يوقع مع الاعب الذى لفت انظار العالم اليه بمستواه الخرافى مع الفريق الارجنتينى ريفر بليت , فأبدع وامتع منذ المباراة الاولى , وبدأ مسيرة المجد وحصد الالقاب الدولية والمحلية .
اما كريستيانو فكانت البداية مختلفة تماما عن الفريدو , فمنذ انضمامه للريال فى ظل الجيل التاريخى للبرسا , كانت تطاله الانتقادات والشكوك من كل الجهات , وان مستواه مع الريال مختلف عما كان مع اليونايتد وان الصفقة مبالغ فى سعرها , وانتهى الامر به فى اول مواسمه مع الريال 2009 – 2010 بعدم الترشح لجائزة الكرة الذهبية , واستمرت الانتقادات فى ظل تألق ميسى و البرسا و عدم قدرة الريال على مجاراة هذا الجيل العظيم و لعلنا نذكر جميعا التصريح الشهير لرونالدو ” انا حزين ” , الى ان رونالدو بعناده و قوة شخصيته المعروفة استطاع التغلب على كل هذا و بدأ مسيرة عظيمة من الارقام و البطولات مع الريال ولا زالت مستمرة الى الان .
فى اوج العطاء :
بعد ان كان الريال يعانى من عدم الفوز ببطولة الدورى منذ العام 1934 الى العام 1953 و كانت الانتقادات تحاوط مكاتب ادارة ريال مدريد , الى ان بعد آتى دى ستيفانو فحقق الريال اخيرا بطولة الدورى فى العام 1954 و تأهل لبطولة دورى ابطال اوروبا عام 1955 و فاز بها و فاز بالاربع نسخ التى تلتها ايضا , لينصب الفريدو دى ستيفانو ملكا عظيما فى قلعة ريال مدريد على مر العصور .
على نفس المنوال اتى كرستيانو رونالدو فى ظروف مشابهة ايضا و ابتعاد الريال عن البطولات الكبيرة بشكل عام و دورى الابطال بشكل خاص , فبدأ رونالدو مسيرته الكبيرة بتحطم جميع الارقام القياسية لأساطير الريال و الحصول على الجوائز الفردية بأمتياز و من ثم تبعها بالبطولات و اعاد الريال على الطريق الصحيح , و فى ظل انتقادات البعض ان ادارة ريال مدريد لم تبنى فريقا قويا بجانب رونالدو ورحيل زملائه النجوم من حوله , الى انه كان لا يبالى و لا يتوانى فى تحطيم الارقام و ايصال الريال لاعلى المستويات و كان دائما هو المنقذ و الملهم .
مرحلة التخبط والرحيل :
بعد ان كان الفريدو آسر لقلوب عشاق جماهير الريال فى كل الدنيا بدأت تطوله من الانتقادات نصيبا , فى ظل ابتعاد الريال عن الاميرة الاوروبية , ظل الجميع ينتقد دى ستيفانو وانه اصبح عديم الفائدة , فلم يقبل دى ستيفانو التحدى و لم يتقبل الانتقادات و حمل امتعته و خرج من البرنابيو ذاهبا لكتالونيا تحديدا نادى اسبانيول فى العام 1964 ليلعب هناك الى سن الاربعين و الاعتزال , ومن ثم يعود بعد سنوات عديدة كرئيس شرفى لريال مدريد , و يبرز احساسه بعد سنوات و قبل موته بأشهر قليلة عندما قال ” كم كنت احمقا عندما رحلت عن ريال مدريد ” .
اما رونالدو فكان تخبطا و ليس رحيلا , فعندما كانت الاشاعات فى اوجها و الانتقادات بأن رونالدو انتهى و ما شابه , كان العناد و الشغف المعروف عند الدون اكبر و اعظم من كل هذا , فقرر قبول التحدى , فأتى بثماره و فاز بجائزة الكرة الذهبية مرتين على التوالى , و فاز بدورى الابطال و كل البطولات الممكنة مع الريال , وجدد تعاقده الى العام 2018 , و هو فى طريقه الان الى تمديد هذا التعاقد لسنوات اخرى , وبعد ان كانت الجماهير تصفر عليه فى جنبات البرنابيو و الموقف الشهير لرونالدو مع ناصر الخليفى رئيس باريس سان جيرمان و مدرب الفريق وقتها لوران بلان , الى ان رونالدو دائما و ابدا يؤكد بقاؤه فى البرنابيو وانه النادى الاعظم فى العالم و الاقرب الى قلبه و هذا ما زاد من عشق الجماهير له و من تمسكهم به .
من الاعظم :
عندما تقارنهم معا كمسيرة كاملة فلكل لاعب انجازاته الفردية و الجماعية مع جميع الفرق التى لعب لها , لكن عندما تقارن من هو الاعظم فى تاريخ ريال مدريد , و تقرأ كل ما سبق , تجد ان كلاهما فى فترته حطم الارقام و فاز بالبطولات و صنع المجد , دى ستيفانو يتفوق على رونالدو فى البطولات للريال , و رونالدو يتفوق على دى ستيفانو بالارقام القياسية للريال .
ولكن التأكيد لن يأتى الان , فجميع متابعين الكرة من الشباب و حتى الكبار لم يروا الفريدو دى ستيفانو فى الميدان و لكنهم شاهدوا رونالدو واستمتعوا به , فلهذا عندما تسأل احدهم الان فأنت تظلم الفريدو , فالمقارنة الان غير عادلة , ولكنها ستكون عادلة بعد سنوات عندما يعتزل كريستيانو و يظهر جيلا جديدا , حينها ستكون المقارنة على المكشوف و دون انحياز لاحد على حساب الاخر , ولكن من يعلم فربما عندما يظهر الجيل القادم يأتى لاعبا اعظم من العظيمين الفريدو دى ستيفانو و كرستيانو رونالدو .